ما حدها تقاقي

يصر جيراننا على خوض معركة القمصان من جديد، فبعد أن تجرعوا الخسارة في معركة قميص الزليج «البلدي»، اختاروا الجبهة العربية في غفلة من جامعة الدول العربية.

في مباراة جمعت نادي الكويت بشبيبة الساورة الجزائري، ضمن تصفيات الدور التمهيدي من منافسات كأس العرب، حمل اللاعبون والمؤطرون الجزائريون قميصا طبعت فيه صورة الأمير عبد القادر.

خلال الاجتماع التقني الذي سبق المباراة، كشف الفريقان الكويتي والجزائري عن قمصانهما، ورافع ممثل الفريق الجزائري عن قميص أشبه بـ«أفيش» فيلم للمقاومة. اعترض أحد المنظمين وأبدى قلقه من تسلل المناضلين القوميين إلى المشهد الكروي، لكن ممثل الفريق الكويتي لم يمانع وقال إن العبرة بالأقدام.

فاز الكويت الكويتي على شبيبة الساورة الجزائري بهدف دون مقابل، ولم ينفع وجود المناضل عبد القادر الجزائري على صدور اللاعبين في التصدي لغارات مهاجمي الفريق الكويتي، ومع نهاية المباراة تبين أن الجزائريين خدشوا صورة زعيمهم وورطوه في هزيمة كروية لا يد له فيها.

في معركة القمصان، يصر جيراننا على جعل الكرة واجهة سياسية، وقد نجد أنفسنا غدا أمام ردود فعل ساخرة، حين يحمل فريق مغربي على قمصانه صورة المقاوم محمد الزرقطوني ويرتدي الليبيون بذلة رياضية عليها صورة عمر المختار ويحمل الفريق التونسي صورة محمد الدغباجي وتصبح ملاعب الكرة معارض خضراء لرموز النضال السياسي.

في قميص نادي الساورة الجزائري صورة للأمير عبد القادر وهو يحمل بندقية ومسدسا من العتاد الموجود في متحف المجاهد في العاصمة الجزائرية، الذي يحوي مسدسات قديمة كان الرئيس جورج واشنطن أهداها إلى الأمير عبد القادر الجزائري، والعهدة على الرئيس الجزائري.

ينتمي فريق الساورة الجزائري إلى الصحراء الشرقية للمملكة، كانت المنطقة في الفترة الاستعمارية تابعة للنفوذ المغربي وهي تحمل اسم كولمب بشار إلى جانب تيندوف، قبل أن يمتد إليها مقص التقطيع الاستعماري ويفوتها للجزائر نكاية في المغرب.

ما أن هدأ سجال القمصان المحشوة بالسياسة، حتى أقر الاتحاد العربي للألعاب الأولمبية منح الجزائر شرف تنظيم الألعاب العربية شهر يوليوز القادم، غابت ممثلة المغرب نوال المتوكل عن الاجتماع المنعقد في جدة، لم تعترض عن قرب أو بعد، بالرغم مما عاشته بعثاتنا الرياضية في الملتقيات التي تحتضنها الجارة الشرقية، من قلق وتسويف وشتم وحصار.

لا يعلم المكتب التنفيذي للاتحاد العربي للألعاب الأولمبية أن منح الجزائر الضوء الأخضر لتنظيم الألعاب العربية ضرب صريح لقيم الحركة الأولمبية، ولا يعلم المصوتون على هذا القرار أن الاتحاد العربي لكرة القدم أصدر قرارات تأديبية في حق الجزائر حين أفسدت البطولة العربية للناشئين وحولتها إلى مسرح للجريمة.

لا يعلم صناع هذا القرار أن تنظيم دورة رياضية في الجزائر سيعيد سيناريو دورة «الشان»، وأن النظام الجزائري قد يستعين بخطيب جديد لنفث أحقاده على المغرب في حفل الافتتاح، وسيعتقل الصحافيون في مطار هواري بومدين ويشرع الجمهور في التنكيل بأبطالنا وسنكرر بيانات الاستنكار نفسها، وستحكم لجنة الانضباط بإصدار تنبيه محشو بتحذير. حينها سيبحث جيراننا عن ترشيح آخر «قابل للاشتعال».

في اجتماعات الهيئات الرياضية العربية تغيب العروبة وتنسحب الشهامة والنخوة، في لقاءات البطولات العربية يعم الصراخ، تصنع التحالفات ويتبين أن الشاعر محمد الماغوط كان محقا حين قال إن العرب كطائرة الهليكوبتر ضجيجها أكثر من سرعتها.

لقد أساء مسيرو الرياضة اليوم فهم صرخة محمود درويش «سجل أنا عربي»، وفي مستودعات الملابس يذكرون لاعبيهم بهذه العبارة ويحرضونهم على تسجيل الأهداف في مرمى الخصوم، أما الهوية العربية فتوارت خلف الجشع الرياضي والرغبة في تحقيق الانتصارات.

حسن البصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى