صوم رمضان،،لعلكم تتقون

بقلم: محمد خكَلي

صدَّر الله سبحانه آية الصيام بقوله ” ياأيها الذين آمنوا ” أي بنداء تخصيص للمؤمنين الذين آمنوا بالله وملائكته وكتُبِهِ ورسله واليوم الآخِرِ والقدرِ خيره وشره.. وقد ورد عن ابن عباس قوله :” إذا سمعتم ياأيها الذين آمنوا فأرخُوا سَمعَكم،وأتبِعوا قلوبكم فالأمرُ عظيمٌ،والخطبُ جَلَل”..!! فعلاً فالخطبُ ليسَ سهلاً وهو الصوم الذي فرضه الله مرةً في الشهر من كلِّ سنة تطهيراً للنفسِ وتزكيتها “قد أفلحَ مَن زكَّاها وقد خابَ مَن دسَّاها..”(سورة الشمس اية٩) هذا الصومُ الذي هو بين العبدِ وربِّه سبحانه ” كُلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له،إلاَّ الصوم فإنهُ لي،وأنا أجزي به ” فهو يجزيه به سبحانه لأن صيام العيد هو عبادة خفية لا كعبادة الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها،ولاكعبادة الحجِّ بطوافه وتلبيته،والسعي بين الصفا والمروة.. فهو – أي الصوم – بعبادته المتخفِّية نال هذا التفضيل والتكريم والحفاوة عن سائر العبادات ولاشكَّ أنّ الصوم عبادة الأمم السابقة أيضا لقوله سبحانه ” كما كُتِبَ على الذين من قبلكم..” لقول قتادة رحمه الله ” المقصود بذلك أهل الكتاب “. وقال السُّدِّي” أما الذين قبلنا فهم النصارى كُتبَ عليهم رمضان،وكُتِبَ عليهم ألاَّ يأكلوا ولايشربوا بعد النوم..” لذا فهو عبادة كل الأقوام لما له من أثرٍ روحِيٍّ خالصٍ وخاصٍّ بين العبد وربه سبحانه ومناط هذه العبادة هو التقوى ” لعلكم تتقون ” أي تحصيل التقوى بمعناها العام الذي هو اتباع الأوامر واجتناب النواهي وقد عرَّف الإمام علِيٍّ رضي الله عنه التقوى فقال هي : ” العمل بالتنزيل،والخوفُ من الجليل،والرضى بالقليل،والإستعداد ليوم الرحيل “.. فمناط الصوم ومقصده هو تحقيق التقوى التي بها يرتقي المؤمن في مدارج السالكين المحبين.. لذا كان تحصيل هذا البعد الإيمانيّ-الذي هو التقوى-أهم بعدٍ تربوي نسعى إليه من خلال صومنا عن الشرب والطعام والشهوة،وكل مايبطله.. نسأل الله القبول،وأن نكون مِمَّن حقَّقَ حقيقة ومقصد الصوم الذي هو ” التقوى “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى